٥ ذو الحجة ١٤٢٨ هـ

!! التركيبة المعقدة

اتفق الجميع على أن أى تغيير يمكن أن يحدث في مصر لابد وأن يسبقه تغيير في الشعب نفسه
أو كما ورد فى تعليقات الأخوة الأعزاء أن يبدأ كل شخص بنفسه والحقيقة أن تغيير النفس قبل
أى شئ هو البداية المنطقية والصحيحة لحدوث أى تغيير , وما يؤكد ذلك أن حالــــــتنا الأكثر
سواداً في العالم نحن السبب فيها , وليس أحدٌ آخر , وعندما يتغير شئٌ مــــــــا , بالطبع سيكون
هذا التغير نتيجة تغير موازي حدث لنا
لكن ....
ما أصعبها بداية , فتغيير النفس إلى الأفضل وتوجيهها إلى طريق المبادئ الملئ بالأشـــــواك
سيكون أمرا شاقاً لأى أحد , خاصة أننا في زمن تعود فيه الجميع أن يترك نفسه تفعل وتعـبث
بما تشاء في سلوكه وطباعه وشخصيته

تغيير النفس إلى الأصلح تغييرا كلياً يعتبر حل نموذجياً سيأتي أيضاً معه بجميع الحلول لـــــكل
مشاكل , لكن كم يكفي من العصور والأزمنة لتغيير تلك الملايين من الأنفس ؟
وكيف يقتنع كل فرد بأن مجرد تغيير نفسه سيكون الحل لمشكلة مجتمع كامل ؟
بهذا الشكل نكون قد رفعنا شعاراً جميلاً لكن لن سيتمع أو يشعر به أحد , لأنه وبكل بساطــــة
مجرد نصيحة في الغالب ستقابل بالكثير من اللامبالاة , خاصة ونحن كشعب مصري تعودنا
دوماً علـى عدم تقبل نصائح الغير بأى أسلوب كان

اذاً لن يصلح تغيير النفس مباشرة لأن يكون الحل الأمثل والعملي والوقتي للبدء في تغيير مجتمع
رغم صلاحية ذلك الكاملة وأفضليته , لكن كما قلنا من قبل لن تنتظر مصر حتى يصبح شعبـها
ملائكة
لكن نعود ونقول أن البداية لابد وأن تأتي من الشعب بطريق أو بآخر ... لكن كيف ؟
قد يقول أحد أن تجارب الغير فى بلاد أخرى يمكن أن تفيد وتعطي مقدمات وأفكار وحلول جيدة
إن استعنا بها , وهذا أمر غاية في الأهمية لكنه يعتمد فى الأساس على تركيبة الشعب نفــــسه
ولو نظرنا للتركيبة المصرية لوجدنا فيها من التناقضات ما يستحيل معه أن يتفق اثنين على أمر
ما , وفي هذه الحالة لن يحدث أى شئ , لأن أى نظام لا يقام إلا بعد توافق واتفــــاق مبدئي على
أسس هذا النظام

هنا نستطيع القول بأن الأمر يحتاج إلى تحرك جماعي من كل القوي الشعبية بغض النظر عــن
مرجعياتها السياسية أو الدينية أو غيره , بحيث يفرض هذا التحرك بعض النقاط التي لابــــد أن
يتفق عليها الجميع
فما نعيشه الآن من صراعات فكرية مختلفة جعلت منا أضحوكة لكل شعوب العالم , فالإختلاف
فى الرأى يعتبر حالة صحية , لكن الإصطدام والصراع بين أصحاب الرأى المختلف هو المرض
بعينه , لأن صراع الفكر والإستبداد بالرأى وعدم تقبل آراء وأفكار أخري يهدم أى قاعدة لبنـــاء
دولة متقدمة
وحتى لا يصبح ما قيل مجرد اتهام ظالم للتركيبة المصرية , يجب أن نتعـــــــــــرض إلى بعض
الإختلافات والصراعات الموجودة فى مصر وهذا ما سيقال إن شاء الله في تدوينة أخرى لعــدم
الإطالة , و تمهيداً لذلك نقوم الآن بتحديد معنى واضح وعادل لكلمة رأى
فأن أعطي رأيي فى موضوع ما , هو أن أقول ما أراه صحيحا باعتبارات العـــــــــــقل والمنطق
والمعطيات المؤكدة والموثقة في هذا الموضوع , ولا أخضع فى كل الأحوال إلى تكهنــــات أو
تعصب أعمى نتج عن مؤثرات خارجية , جعلتني أحيد عن طريق الحقيقة وإلا كانــــــــت كلماتي
مشوهة ولن يتقبلها الآخرون أبداً
بالإضافة إلى ما سبق يجب أن يعترف صاحب الرأى بأن رأيه من الممكن أن يكــــــــون خطأ أو
صحيح , فيتوجب عليه بالتالي تقبل الآراء الأخرى في ذات الموضوع وإلا أصبح شخصــــــــاً
مكابراً ومتعصباً ومغروراً ... أو منافق !!
وأخيراً .... سؤال :
هل تشعر فيمن حولك بأن هناك أمل فى أن يتفقوا ؟ ولو كان ... فما هى – في رأيك - النقــــاط
التي ترى إمكانية حدوث إتفاق عليها فيما يخص الصالح العام ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ألحاقاً بما سبق , هناك بعض التدوينات التى يحاول كتابها بجدية عرض وتحـــــليل موضوعي
للكبوة المصرية الحادثة الآن , منها تدوينة بإسم ( تشخيص الحالة المصرية ) , فى مدونــــــــة
( مصر ... من تاني ) , أعتقد أن بها أمور تهمكم

٢٢ ذو القعدة ١٤٢٨ هـ

كيف نبدأ ؟

إنها مجرد خيارات الآن

وعلينا جميعا أن نتفق على أحدها
فقد رأينا مدي بشاعة السيناريو الأول الذى سيجعل مصر مثل الصورة الملونة بألوان
مشرقة عندما يقوم أحدهم بسكب أحباره السوداء عليها بكل سخاء
ستكون صفحة سوداء بعد ذلك ....
أما الآن يمكن سرد أوراق اللعبة كلها , حتى يمكن معرفة الطريــــــقة الأفضل للعــــب
فهنا يجلس رئيس دولة يحظى بسخط الجميع غير المنافقين له , ولا أحد ينتظــر منه الا
الأسوأ فى كل الاحوال

وهنا تجلس حكومة لديها من مقومات الفشل ما يمكنه من احداث مجاعة في أغني بــلاد
العالم وفي زمن قياسي جدا

أما هنا فيجلس نواب ( عن أنفسهم ) , ينطبق على غالبيتهم قول ( جئت لا أعلم مـن أين
, ولكنى أتيت )

وهنا يوجد دستور تم العبث به حتى صار دستورا لأشخاص معينين وليس لنظام كامل
يحكم دولة كبرى

وهناك أحزاب وما هى بأحزاب

وهناك يقف قضاه مغلوب على أمرهم , لديهم قضية كبرى كانت بحاجة لوقفـــــــــة من
الجميع , لكن ما أصعب ألا يجد القاضي من يقضي له حقه !!

وهناك أيضا صحافة حكومية ومعارضة وصحافة رجال أعمال وصـــــحافة فنــــــانين
وصحافة كل من له مصلحة ومن لديه عقدة ما يحاول فكها فى مقالاته

وهنا يجلس اشتراكي وآخر راسمالي وهنا أخوانى وهناك علمانى وتجد الشيوعي وتـجد
الديموقراطي ويقف اليمينى ضد اليسارى ومن ليس له اتجاه قام باختراع اتجاه جديـد له
وحده
وما أسهل المسميات !!

هنا منارات دينية تنادي بما ينادي به الكبار وتشجب ما يشجبه الكبار ,وتناســت دورها
الأصيل

وهنا نشأ وتربي كيان اجتماعي غير متماسك , منفـــــصل عن بعضه البعـــــــض بفعل
التغيرات الطبقية السريعة التى طالت عناصره

وهنا تأصلت شبكة من الفساد طالت خيوطها كل بقاع مصر من كبير وصغـــــــير , بل
أصبحت منظومة متكاملة تقام من خلالها المشاريع والقوانين وحفلات الزواج وحفـلات
الأنس والسهر

أما هنا فيجلس شعب منفصم الشخصية , يعيش نصف حياته فى وهم المبـــــــــــادئ التى
يجد لها المناسبات الكثيرة للمناداة بها , ونصف حيـــــــاته الآخر يقضيه عمليا وبكل قوة
فى تدمير ما يدعيه

واخيرا هنا شرفاء مزروعة فيهم قيم انسانية عظيمة ولديهم الحماس والدافع للتغييرالعاقـل
المبنى على احترام الغير واحترام الانسان لأخيه الانسان ووجود دولة حرة عادلة مستـقلة
وأيضا متقدمة

تلك هى أهم العناصر التى سيتم اللعب بها , ولا تغيير يمكن أن يحدث إلا وكان احد تلك
العناصر هو أداته , الصعوبة فقط فى البداية , فمن فيما سبق يمكن ان نبدأ به ؟
أهى قمة الهرم أم قاعدته ؟
التغيير فى ظل عيوب قائمة لجميع تلك العناصر يعتبر من أصعب المعادلات , غير أنه
يستحيل عمليا أن تتحرك جميع تلك العناصر تحركا ايجابيا من نقطة واحدة , الواقع انه
لو تحرك عنصر أو بعض العناصر ستظل العناصر الأخرى ثابتة أو متحــــــــركة فى
الاتجاه العكسي , كما أن بعض العناصر لن يتحرك الا بتحرك عناصر أخرى , بمعنى
أن شيئا مثل الفساد الادارى لن ينتهى الا بعد وضع قوانين حــــــــــازمة ورادعة وتلك
القوانين بدورها لن تسن الابعد تحرك من نواب ( انفسهم ) والنواب بدورهم لن يصبحوا
نوابا للشعب الا فى وجود رقابة قضائية والقضاء بدوره يحتاج الى قانون يضـــــــع له
الصلاحيات المناسبة .... الخ
اذاً المسألة ليس بسهلة أو هينة ...
الامر يحتاج إلى تفكير منظم ومنطقى وواقعي وليس لقرارات عشوائية ارضاءا لرغبات
البعض أو حتى اسكاتا لأصوات البعض
أعتقد أن كل منكم له رأى , ولمن يرغب الدخول في تلك اللعبة الصعبـــــة عليه أن يعطي
معادلة بنيت على وجهة نظره من خلال تلك المقدمات التى ذكرت , بحيث تكون قابلــــــة
للتطبيق العملي , ومن خلال رأيكم ستتواجد لدينا سيناريوهات كثيرة , وربما نــــــــــجد
السيناريو الأمثل بينها


والسؤال مرة أخرى : كيف نبدأ ؟